درويـــشـــــيات

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

أمى

هذه هى المرة الأولى التى أكتب فيها عن أمى الغالية الغائبة ـ رحمها الله ـ بعد رحيلها بأكثر من عام ( 2008/7/2 ) ولم أدر لماذا لم أكتب عنها كل تلك الفترة الطويلة ، ربما إنه الذهول ، ربما إنها محاولة استيعاب الصدمة المفجعة ، وحين عزمت الكتابة عنها فى ذكرى وفاتها كان قد حدثت لى فاجعة أخرى وهى موت أخى سامح سراج . على كل ٍ ها أنا أملى السطور الكلمات َ غير المنظمة التى أحس بها لا أكثر ، ولتعلموا من هى أمى . كان بين أمى وبيننا جميعا كإخوة إحساسا غريبا لم يدركه أحد ٌ منا إلا حينما رحلت ، كانت هى الرابط الأسرى ، رابطة العقد الغالية ما إن رحلت حتى صرنا أشلاء ً ممزقين . كانت باختصار كل شئ لكل واحد منا جئت إليها يوما وكانت الامتحانات قد قربت ، فقلت لها : إدع ِ لى . فنظرت لى وقالت : وهل سأنسى أمرا مثل هذا يا بنى ، هناك أمر سأقوله لك ولكن لا تأتى بسيرته لأحد أنا يوميا استيقظ من النوم الساعة الثانية والنصف فى الليل وأصلى أربع ركعات أخصص لكل واحد منكم الأربعة ركعة ادعوا له فيها . كانت أمى أكبر إخوتها وتوفى والدها وترك لها ولأمها أطفالا صغار وتعبا الاثنان حتى تجوز كل إخوتها حتى تجوزت خالتى الصغرى بعد وفاة جدى بأكثر من عشرين سنة وبعد وفاة أمها بحوالى سبع سنين . عانت أمى كثيرا من الامراض ، بدأت فى دوامة المرض وهى فى سن الثلاثين كنت حينها أنا عندى 3 سنوات فأنا أصغر أبنائها ، رأيتها كثيرا تتألم من المرض وصعبت كثيرا على وأثر ذلك فى ّ جدا ، صبرت أمى كثيرا اذكر يوما لن يمحى من ذاكرتى كان ذلك قبل وفاتها ببضعة أشهر حيث كتب الله لها أن تحج بيته المعظم فى آخر عام تحياه فى هذه الدنيا وكانت تتمنى ذلك كثيرا ، ظللت فترة أفكر فى الأمر : كيف ستؤدى أمى مناسك الحج الشاقة وهى فى حالتها هذه ( وهى قد بلغت السن الذىتذهب فيه دون محرم ولم يكن أحد معها ) و أتعبنى التفكير فى الأمر حتى أسلمنى للبكاء خوفا عليها ، وبدأ يرافقنى هاجس بأن أمى ستموت فى الحج من كثرة كلامها فى الأمر فقد كانت تتمنى ذلك وصرحت به كثيرا ، وجاء اليوم ووصلناها للمطار وحين ودعتها لم أتمالك إلا أن ألقى نفسى فى حضنها وأبكى بشدة وانتحب حتى دخلت هى الأخرى فى دوامة البكاء ، لدرجة أنه تدخل فى الأمر أحد عمال المطار ويقول لى : والله سترجع لك عن قريب . كان إحساس صعب جدا أن تحس أن هذه هى المرة الأخيرة التى ترى فيها والدتك ، ولن تراها مرة ثانية . وفى إحدى الأيام وهى هناك فى الحج وكانت كل يوم توقظ والدى بالموبايل فى الفجر فلم تتصل به ذلك اليوم ، واستيقظ أبى للفجر وأيقظنى وحاول الإتصال بها ولكنها لم ترد ، فاتصل والدى بأحد معرفه وكان فى الحج هو الآخر فقال له : الحاجه نزفت وحجزت فى إحدى المستشفيات . كان هذا أصعب يوم أعيشه فى حياتى ، أن تشعر بأن أمك تموت فى بلد بعيد وانت لست بجوارها ولا تستطيع فعل شئ إلا أن تبكى وتدعوا الله ، وهذا ماحدث ولكن بفضل الله تم لها الشفاء والعافية وجاءت وهى تحمل لنا ماء زمزم ، كان أسعد يوم فى حياتى يوم أن رأيتها فى المطار شاخصة أمام بصرى باسمة لم تحتوينى الدنيا من الفرحة ، بحمد الله . ولكن بعدها ببعض الأشهر جاء يوم الفاجعة وأنا لا أحب التحدث عنه ، فسنقصه من حديثا ولكن هناك لفتة واحدهة أريد أن ألفتكم لها وهى ( أن أمى عليها رحمة الله غسـّــلت بماء زمزم الذى أتت به من الحج ) وأشهد الله سبحانه صدقا أنى رأيت البسمة على وجهها حين غسلت وفى النهاية الذكريات كثيرة والمواقف أكثر من أن أعدها لكم وحسبى أن أقول لكم أنها أمى .

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

أحن الى خبز أمي
وقهوة أمي ..
ولمسة أمي ..
وتكبر في الطفولة يوما
على صدر أمي
لأني إذا مت يوما
أخجل من دمع أمي
.............
خذيني إذا عدت يوما
وشاحا لهدبك
وغطي عظامي بعشب
تعمد في طهر كعبك
وشدي وثاقي
بخصلة شعر..
بخيط يلوح في ذيل ثوبك
عساني أصير إلها
إذا ما لمست قرارة قلبك
..................
دعيني إذا ما رجعت
وقودا بتنور نارك
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت..فردي نجوم الطفولة
حتى أشارك ..
صغار العصافير
درب الرجوع لعش انتظارك
..........
..........
أقدر عظيم ألمك ,فأعظم الفقد هو فقد الأم..رحم الله والدتك وأسكنها فسيح جناته ، وأعانك الله على برها..
دمت دائما بخير
درعمية

رفيدة يقول...

اللهم اسكنها فسيح جناته وارحمها برحمتك التي وسعت كل شئ ... ربنا يصبر حضرتك ويجازيك خيرا يارب

أحمد مصطفى درويش .............. دروى يقول...

اختى درعمية
جزاك الله خيرا على قصيدة محمود درويش الرائعة ن وشكرا لمواساتك ومشاركتك

اختى رفيدة شكرا للمشاركة
وانا زرت مدونتك ووجدتها جديرة بالاحترام

هدى التوابتي يقول...

السلام عليكم...كنت انتظر تدوينتك عن الراحلة رحمها الله وتقبلها في فسيح جناته ولكن لمشاغل عندي لم ألحظ أنك كتبتها إلا اليوم... فاعذرني لتأخري..رحمها الله رحمة واسعة ورزقها الفردوس الاعلى من الجنة..

أسامة أيوب يقول...

نعم .. حبيبي أحمد ... أذكر ظروف وفاة أمنا الغالية، رحمها الله رحمة واسعة، وكما سقاها من زمزم الدنا ، فهو ساقيها - بإذنه - من كوثر الآخرة، فما كان الله منعما على عبده بنعمة ليحرمه منها، غفر الله لها ... وعذرا ، فأنا مازلت مبتدئ في عالم النت..

أحمد مصطفى درويش .............. دروى يقول...

أختى دودى زاك الله خيرا لمواساتك
أخى اسامة ايوب
والله اسعدتنى كلماتك ومعانيك الراقية
فجزاك الله خيرا وتقبل منك