درويـــشـــــيات

السبت، 20 يونيو 2009

لن أنساك يا سامح

( أحمد يا درويش بالله عليك لا تنسى كتبى اللى عندك ، عايزها علشان الأمتحانات انتهت وعايز أقرأهم تانى ........ متنساش ) وختم كلامه معى بإبتسامته المعهودة ........ كانت النهاية معه بإبتسامه كان هذا آخر لقائى برفيق الدرب وأخى الدعوة .................. ( سامح مصطفى سراج ) كان هذا فى لقاء الأسرة الذى يجمعنى بسامح ( رحمه الله ) ، واستأذنت أنا من الأخ النقيب لأنى كان عندى إمتحان ...... وتركتهم واستأذن سامح ليودع الدنيا ......... لم أعلم أنها المرة الأخيرة التى أرى فيها ( سامح ) .....نعم ............ إنها الدنيا . لا أستطيع تذكر أول مرة قابلت فيها سامح ، فأنا أعرفه منذ الإبتدائية لم يكن فى مدرستى ولكنى كنت أعرفه ، ثم جمعتنا زمالة فى
إعدادى حيث كنا فى مدرسة واحدة ، ثم كانت الصداقة القوية فى المرحلة الثانوية التى لم نفترق بعدها منذ سنتها الأولى كان سامح
حينها بدأ ينضج فكريا وبدأ يفهم أصول دعوته التى انتمى لها وهى دعوة الإخوان المسلمين . عرف سامح الإخوان منذ أن كان فى الصف الثالث أو الرابع الإبتدائى ، وبدأ يدعونى للدخول معه والإنضمام للإخوان كنت أنا فى تلك
الفترة قد بدأت أهتم بالسياسة شيئا ما ، وبدأت اقرأ كتبا عن الإخوان والثورة ولكن كانت قراءاتى من كتابات أفراد الثورة وأتباعها
فأخذت صورة سيئة عن الإخوان وحصّلت معلومات كثيرة عن حوادث مختلفة ، وحين تكلم معى سامح أتعبته كثيرا بقراءاتى السابقة . حتى أنه فى يوم ما بعد أن عدنا من المدرسة تكلم معى فى كل الحوادث التى ذكرتها له مثل حادث المنشية وحقيقة خلاف الإخوان مع
عبد الناصر وحل الجماعة وقتل النقراشى وغيرها .......... كان سامح قد استعان ببعض الإخوة فى معرفة تلك الأحداث ، ، ولولا
صبره على ّ لما كنت الآن بين صفوف الإخوان . ثم أعطانى كتابا أثر فى بشكل كبير وهو كتاب العلامة القرضاوى
( جيل النصر المنشود ) وكان هذا واحد من الأسباب التى ألحقتنى بالإخوان ( فجزاه الله عنى كل خير ) من كان يعرفه ـ رحمة الله عليه ـ يشهد له بهدوءة الشديد وابتسامته الدائمة وملاحة تفكيره وذكاءة فى التخطيط وتصرفاته القيادية
والله كانت تبدو عليه منذ الصغر حتى فى لعب الكرة حينما كنا نذهب إلى الملعب كان هو الذى يقسم الفرق وينظم اللعب ويحصّل
الإشتراك من الجميع ، فكانت تبدو عليه ملامح القيادة من الصغر حتى فى العمل الدعوى مع الأولاد فى اللقاءات والرحلات كان هو الذى ينظمها وكان هو الذى يبدأ بالكلام ويمهد لنا ويدير اللقاءات
الإيمانية والتربوية حتى ـ والله ـ فى قيام الليل كان هو الذى يتقدم ويصلى ويدعى وكان بكّاء ًً من خشية الله ( هذا الكلام ليس من قبيل المبالغة على أنه كان صديقى ولكنها ـ والله ـ الحقيقة ) لقد رأى سامح رسول الله قبل مماته فى منامه وجاءه فى ليلته الأخيرة قائلا له ( إنك آتينا غدا يا سامح ) وقد عرف ـ رحمه الله ـ أنه سيموت قريبا من بشريات رسول الله التى بشره بها فقد قال لى أحد الإخوة أنه رآه ثلاث مرات يبشره فيها ,
وأنه اتصل به قبل مماته ينبئه فيها بالرؤى وبأنه اقترب أجله . وقال لى والده أنه قد كتب وصية ً وذكر لى اسم الأخ الذى أعطاها له . وأذكر فى المشهد ونحن نضعه فى قبره وكان قد انتابتنا نوبات من البكاء فقام فينا أخ كبير من البلدة وقال لنا ( من منكم قد صلى الفجر
اليوم ، إن هذا الأخ قد صلاّه ( وأشار إلى سامح ) ، من منكم قرأ ورده القرآنى اليوم ، إن هذا الأخ قد قرأه ، من منكم قال المأثورات
وصلى الضحى ، إن هذا الأخ قد فعلهما ، فلماذا هذا البكاء ؟ وأشار إليه وقال أبشر يا أخى إنك كنت حافظا لكتاب الله ومحفظا له لم
تقضى حياتك فى اللهو وإنما فى دعوة الله فأبشر ) ............................ إننى أشهد أن هناك أماكن ستشهد يوم القيامه على قيام الليل وأخرى على بكاءه فيها لله وثالثة على ذكره الله فيها وأخرى
وأخرى ........... كنت جالس اليوم مع أبيه فقال لى والله ما أتعبنى فى حياتى يوما ما ، ويشهد لى بأنه كان هناك مسجدا جديدا بنى بجوار منزلهم فى آخر
البلده كان المسجد زوارة فى الفجر قليل جدا رجل أو رجلين لأنه مسجد بعيد عن البلده جيرانه قليلوكان هناك آخر زواره كثر ......
يقول لى ( والله كان يذهب ليصلى فيه الفجر يوميا وكانت تمر عليه أيام يفتح فيه المسجد ويؤذن وربما يصلى وحده وحين قال له أحد
الشيوخ اتركه وتعال صلى معنا فى مسجد الصحابة الذى يكون فيه عدد متوسط فى صلاة الفجر ، رفض بشده وأصر أن يفتح المسجد
فى صلاة الفجر حتى وإن صلى فيه بمفرده حتى لايغلق المسجد ) جلست مع أبيه ومع أمه والجميع راض ٍ عنه ونحن أصدقاءة نشهد له أنه كان خير الناس وشخصيا كان بالنسبة لى أخا ً مؤثرا جدا فىّ
وفى حياتى الدعوية ، وكان صاحب فضل كبير جدا على ، ( رحمه الله ) . وكان الله فى عونى وعون إخوتى كيف أذهب للأسرة فى اللقاء القادم ولا أرى سامح بينا ؟ .................. توفى سامح ...................... نعم ......... توفى سامح .

الأحد، 7 يونيو 2009

أتمنى لو أنى

أتمنى لو أنى
فى لحظة من لحظات يومى التى أخلوا فيها إلى قرارة نفسى ، أتأمل حالى وعالمى وحياتى
وأسرح بخاطرى فى سماء كونى ؛ وأعرج لنجومها متنقلا بنهم راقصا على أنغام سعادتها
مستريح الصدر لهدوئها ، أنظر متأملا دنيانا وبقاع الأرض الواسعة الغريبة .
كم تمنيت لو أنى أذهب بعيدا بعيدا غريبا فى بلاد العجم عابر سبيل لامن صاحبة ولا من أنيس
أذهب وأسير بن الناس بيئات شتى وبشرات متباينة ومجتمعات مختلفة وألسن متعددة .
استشف من كل هؤلاء سر َّ الحياة وغريب الزمن ، وأعرف المكنون من طبائع الأجناس وعلائق البشر .
أتمنى لو أنى
أتنقل بين البلدان وأعبر المحيطات وأسير على الشواطئ كى أبصر الطيور وهى تحط على المياه تتناول بفمها
رشفة الماء التى كتبت لها من قبل الوجود أن تأخذها فى تلك الحظة .
أتمنى لو أنى
أُحكـّى التاريخ بأكمله ...... تاريخ البشرية جمعاء وأن أطلع على كل الأسفار ، وأن أكتشف المخطوطات المغبورة بعدما عفت الديار ، ودُرِس الرسم .
أتمنى لو أنى
أخالط الحكماء وأناقش الفلاسفة وأتوصل إلى خلاصة المعرفة ، وأن أفضى إلى ما ينتهى عنده العقل البشرى
وأن أدرك مدى غور الخيال وأن أسبح إلى حدوده ؛ أن أعى النفس البشرية وأبصر تلك الحاسة التى عند الأدباء
والتى بها يعبرون عن تلك النفس أدق تعبير وأفضل وصف .
أتمنى لو أنى
أعيش بين الناس مثل صلاح الدين ........ وأن أكون فى النزال كعنتره تأصل منذ طفولته يرضع لبن المعامع ؛
أن أكون أشعر من المتنبى ، وأجود من حاتم الطائى أن أشعر شعور هاشم الرفاعى ، وأكون أدق حسا من شكسبير
أن أصدق نفسى كصدق سيد قطب نفسه ..........
..... كلماتنا عرائس من شمع فإذا متنا فى سبيلها دبت فيها الحياة وصارت عرائس حقيقية .........
أن أموت موتة الجاحظ تحت أحضان الكتب والأسفار
أن تغسلنى الملائكة بعد موتى
أن تستقبلنى زوجتى من الحور فى الجنان بأجمل ما تلقاها وما تتخيل بجمالها السحرى الفاحش ،
أن تذيبنى رقتها فأضمّها إلى وأراقصها على أنغام السعادة على حافة نهر الخلد الأبدى .
أن تكون لى أجنحة أطير بهما فى الجنة كيف شئت بين القصور والأنهار .
أتمنى لو أنى
أصبحت اليوم فى غزة بين آمال والآم شعبها ، أحلم حلمهم ، وأشاركهم الـتألم من تباريحهم ؛ أجلس هنيهة مع أطفالهم الذين فقدوا الأباء وأمهاتهم ثكلى ، أحنوا عليهم وأمسح على رؤوسهم ،
أقص عليهم أجمل حكاية قبل النوم .... الفارس الذى يكبوا على جواده حاملا معه بشاير النصر لبلادنا .... أين أنت يا أيها الفارس ....... .
أن لا أبيت تلك الليلة نائما بل فى معسكر كتائب القسام نخطط لعملية الغد المرتقبة .
إذ يتنفس الفجر الجديد ونحن ننفذ العملية وننزل إلى ساحات العراك فأدرك حينها ( فقط ) سر َّ الحياة ، وقيمة نفسى .
أتمنى لو أنى
آنست هبوب نسائم باردة أتت من شاطئ الأسكندرية خالطت نفسى فأحيتها بلمساتها الصاقعة
ولكن أنى لى ذلك
فأنا سجين غرفة غليظة ؛ سقت إليها رغم عنى وتعلوها نافذة يطل منها خيط ضى القمر ليطمئن علينا
نافذة بها معنى الحياة غليظة القضبان .
والآن
أتمنى ............ لو أنى أتمنى